السلام عليكم ..

يسألني كثير من الناس في الآونة الأخيرة أسئلة كثيرة حول كيفية الدخول إلى عالم التعليق الصوتي أو الــVoice Over.

ويكون سؤالهم، أنا أرى نفسي موهوبًا، أو يراني الناس ذا صوتٍ جميل، كيف أبدأ العمل كمعلق صوتي؟

والحق أنه قبل الإجابة على هذا السؤال ينبغي الإجابة على عدة أسئلة من صاحب السؤال، ولذلك كتبت هذه المقالة لمزيد من التوضيح ولأن يكون الحديث متاحًا للجميع في أي وقت، فأهلا بك في مدونتي 😊

بدايةً: إذا كنت تودّ أن تكون معلقًا صوتيًا أو أن تعمل في مجال الصوت عامة؛ تحقق من سلامة صوتك، ومن سلامة مخارج الحروف بصفة عامة؛ مثل حرف الراء، القاف، السين، وأنه لا أمراض تنفسية ولا عضوية تعيق خروج الصوت بالشكل الملائم.

ثم نأتي بعد ذلك لمرحلة العمل والتعلم؛ فلكي تكون معلقًا صوتيًا ناجحًا، عليك بعدة أمور تعتبر هي قوائم التعليق الصوتي:

أولًا: اللغة العربية؛ واللغة العربية هنا تشمل تحتها عدة فروع: أهمها النحو، وتعلم إخراج الحروف من مخارجها الصحيحة، وتعلم صفة كل حرف وكيفية نطقه بشكل صحيح.

فتعلم النحو يساعدك في ضبط أواخر الكلمات، وبالتالي خروج النص بشكل يضمن أن السامع سوف يفهم – على سبيل المثال – من هو الذي قام بالفعل ومن الذي وقع عليه الفعل؛ فتخيل مثلًا أنك حولت الفاعل إلى مفعولٍ به في الجملة التالية: “ضربَ محمدٌّ زيدًا”، تخيل أنك لجهلك بعلم النحو ولخطأٍ من كاتب النص وصلك النص مكتوبًا “ضرب محمد زيد” ثم نطقتها أنت “ضرب محمدٌ زيدٌ”، في هذه اللحظة لن يدري المستمع من ضرب من! كل ما سيعرفه أن المتحدث لم يفهم النص أصلاً، ومعلومٌ أن المعلق الصوتي الذي لم يفهم النص لن يوصلَ الفكرة المراد توصيلها إلى المستمعين. لذلك من المهم بل من الضروري تعلم علم النحو بصورة متقنة وقوية، والتطبيق عليه، وسؤال المختصين حتى الوصول لدرجة تمييز الخطأ عند مرور الجملة فقط بجوار أذنيك دون تركيز لكي لا تقع في أي مشاكل سواء مع عملائك أو مستمعيك مستقبلاً. أما قاعدة “سكّن تسلم” فهي قاعدة غير صحيحة في كل الأحوال، والسكون الدائم في الكلام هو حيلة الضعفاء وليس المتمكنين.

لذلك أنصح بقراءة الكتب التالية كبداية – بالترتيب -، أو أي كتب أخرى تقوم مقامها أو أي مادة أخرى تساعدك على دراسة قواعد النحو من اليوتيوب أو غيره:

  • موجز النحو – عارف حجاوي

  • التطبيق النحوي – عبده الراجحي

  • التحفة السنية بشرح المقدمة الآجرومية – طبعة أوقاف قطر

نأتي بعد ذلك لمخارج الحروف وصفات الحروف؛ وأفضل ما قد تفعله في هذا الجانب بعد قراءة الكتب إن أحببت هو الاستماع لأحد دورات التجويد، أو حضور أحد دورات التجويد على يد شيخ متقن، والتطبيق مع الشيخ أو المدرّب والضغط على المخارج وتكرار الضغط عليها حتى يأخذ الحرف مجرى خروجه الطبيعي بعد ذلك دون الضغط المبالغ فيه.

ومن الدورات التي أنصح بالتعلم منها، هي دورات الدكتور أيمن رشدي سويد في مخارج الحروف وصفات الحروف، وهي موجودة متاحة على اليوتيوب.

ومن المهم هنا توضيح أنه ينبغي أن يكون لك وردٌ من القرآن الكريم، فكثرة القراءة المجودة الصحيحة للقرآن الكريم تضبط اللسان العربي وتقويه، وتقريبًا معظم المعلقين الصوتيين الذين استمعت للقاءاتٍ معهم كانوا يقولون أن جزءًا كبيرًا من تدريبهم كان بقراءة القرآن الكريم لساعات طويلة.

ثانيًا: الاستماع:

أحد عوامل التعلم في التعليق الصوتي هو الاستماع؛ كثرة الاستماع تساعدك أو بالأحرى تساعد أذنك على خلق قاموس صوتي يساعد بعد ذلك على الوصول إلى إبداعك الشخصي بصوتك، والوصول به إلى أدائه المناسب لكل عمل.

لكن ليس الاستماع لكل من تجده في طريقك، استمع للمتقنين أو من عُرف عنهم أنهم متقنون، استمع للأعمال الوثائقية لناشيونال جيوجرافيك أبو ظبي، والجزيرة الوثائقية، والـBBC الوثائقية، كل هذه القنوات تقدم لغة وأداء متميزين جدًا، وخصوصًا التعليقات الصوتية القديمة للعمالقة الأساتذة مثل: محمود سعيد، محمد سعيد، أحمد سالم، عبد المجيد مجذوب، ماهر الأغا وغيرهم.

استمع للإعلانات، الأعمال التعليمية، وردود الهاتف الآلية، باختصار استمع لكل ما قد يمسّ عالم الصوت والتعليق الصوتي من قريب أو من بعيد ولكن من شخص متقن.

ثالثًا: تدريبات التنفس

وهي من أهم قوائم التعليق الصوتي، وقد أفردنا لها مقالين أو مدونتين فراجعهما على هذه الروابط:

تمارين التنفس وأهميتها بالنسبة للمعلق الصوتي – (1)
تمارين التنفس وأهميتها بالنسبة للمعلق الصوتي – (2)

رابعًا: التدريب على التعليق:

حاول أن تشتريَ مايكروفون Microphone ولو كان متواضعًا، وابدأ بمحاولة قراءة أي نصٍ، وبالتوازي مع ذلك – بكل تأكيد – طبّق ما قلناه بالأعلى، وحاول أن تحاكي قليلًا “تقلّد” ثم أبدع أسلوبك الخاصّ، لا تيأس ولا تشعر بالإحراج من صوتك؛ تقريبًا كل من سمع صوته لأول مرة شعر بالإحراج والنفور؛ لا تقلق هذا أمرٌ طبيعي، واصل فقط وستحبُّ صوتَك يوما ما.

فائدة خطوة شراء المايك هي تشجيعك على العمل؛ لأن التعلم النظري وحده أحيانا قد يكون مرهقًا ومملا لبعض الأشخاص؛ لذا إذا شعر بعض الناس أن هناك طريقًا لتطبيق ما تعلم فإن هذا غالبا ما يساعده على مواصلة السير، لذا إن كنت لا تملك سعر المايكروفون في هذا الوقت، فتستطيع التسجيل على الجوّال (كتدريب فقط) حتى يتسنى لك شراء مايك.

وللمايكروفونات أنواع وأنظمة نشرحها في مدونة قادمة إن شاء الله.

من المايكروفونات الرائعة للبداية في التعليق الصوتي هو المايكروفون التالي، واعلم أنه يلتقط كل الأصوات فحاول استخدامه في مكان هادئٍ تمامًا:
https://amzn.to/3st3WxT

خامسًا: حضور الدورات:

حضور الدورات في البداية هو أمرٌ مهم، حيث يساعدك المدرب في التأكد من أنك تسير على الطريق الصحيح بالإضافة أنه يحاول أن يلخص لك خبرته في المجال في عدة محاضرات، كما أنه يساعدك على التسجيل وكيفية الوقوف أو الجلوس صحيحًا أمام المايك أثناء التسجيل على سبيل المثال وعلى بقية الأمور الأخرى، لذا حاول أن تركز دائمًا على الدورات التي تشمل التسجيل في ستوديوهات أو تشمل تدريبًا عمليًا مساويًا أو أكثر من الجزء النظري في مدة الدورة، وتجنب دورات اليوم الواحد أو الدورات المكتظة بالطلبة.

لن تعطيك الدورات كل شيء؛ التعليق الصوتي هو فنّ ذاتي، موهبتك من الله فيه هي الأساس، ثم التدريب والتدريب والتدريب والصبر والتعلم ومتابعة كل جديد دائم. ليس التعليق الصوتي مجرد صوتٍ تطلقه أمام لاقط للموجات ليخرج للجمهور فيستمعون أي صوت؛ التعليق الصوتي هو فنٌ بواسطته يمكن أن يرتفع العمل إلى السماء، أو يهوي به إلى الأرض.

وكل التوفيق، وإلى لقاء جديد.

خالد وجدي