أكره الاستماع لصوتي! يُصاب كثير من الناس عند سماع صوته مسجلًا لأول مرة بصدمة كبيرة، يشعر بحرارة وجهه، يخفق قلبه سريعًا، ولا يدري لماذا صوته بهذا السوء! بل ويتعدى الأمر أحيانًا إلى أن ينسى فكرة العمل في المجالات التي تتعلق بالصوت كليةً!

الحقيقة أن هذه الحالة ليست بغريبة، بل هي شائعة جدًا، يقول الدكتور Aaron Johnson وهو أستاذ مساعد في قسم التخاطب والسمع في جامعة إلينوي عن هذا الموضوع: “هذا شائعٌ جدًا، لا أعلم أني قابلت أحدًا من قبل بدأ في التدريب الصوتي وأحبّ أن يسمع صوته!” [1].

ولدراسة هذه الحالة، علينا أولًا أن نفهم كيف ينتقل الصوت، وما الفرق بين أن تسمع صوتك مباشرة وأنت تتحدث، أو تسمعه بعد تسجيله على أي أداة تسجيل:

  • ينشأ الصوت الإنساني من ذبذبات مصدرها الحنجرة أو الأحبال الصوتية Vocal Cords، فعند اندفاع النفس من الرئتين يمر بالحنجرة فيحدث تلك الاهتزازت، والتي بعد صدورها من الأنف أو الفم تنتقل عبر الهواء الخارجي حتى تصل إلى الأذن، ومنها إلى المخ فتُترجم هناك وتُفسر[2].

  • عندما تكون أنت المتحدث، ينتقل صوتك إلى أذنك الداخلية أيضًا عن طريق تجاويف وعظام الرأس، فتسمع صوتك من خلال طريقين هما: الصوت القادم من الهواء الخارجي، والصوت المنتقل عبر التجاويف والعظام الداخلية في الرأس.

  • لذا فعندما تسجل صوتًا من خلال مايكروفون أو أي أداة تسجيل ثم تسمعه، ففي هذه الحالة تسمع فقط الصوت الذي ينتشر عبر الهواء ولا تسمع الصوت الداخلي الذي يصل الأذن عبر تجاويف الرأس الداخلية[3].

صورة للأحبال الصوتية الطبيعية. [المصدر: https://www.voicedoctor.net]

لذا فإدراكنا للصوت يعتمد على وسيلة وصوله إلينا، فصوتك الذي تتحدث به أنت تسمعه بطريقة مختلفة عن تلك التي يسمعه بها صديقك الذي تتحدث معه. وإذا أردت أن تعرف صوتك فعلا فلا تعتمد على سماعك له أثناء تحدثك، لأن صوتك حقًا هو صوتك الذي تسمعه بعد تسجيلك إيّاه على وسيلة تسجيل مضمونة الجودة.

بناءً على ما سبق يجب أن تدرك أن صوتك ليس بهذا السوء الذي تظنه عند الاستماع إليه لأول مرة، فصوتك هذا الذي أزعجك الاستماع إليه هو نفس صوتك الذي تتعامل به طيلة يومك ويتقبله الناس.

فإذا كنت من هؤلاء الذين قال لهم الناس أن لديهم صوتًا جميلًا، لكنك أصابك الهلع عند الاستماع لصوتك في التسجيل، فلا تقلق، واستمر في التدريب واعلم أن صوتك ليس بهذا السوء الذي تظنه، ومع تكرار سماع صوتك بكثرة سيزول هذا الخوف أو الكره له.

شاركونا بتجاربكم في التعليقات 🙂

كل التحية لحضراتكم. المصادر: [1]: https://www.buzzfeed.com/kasiagalazka/why-you-hate-the-sound-of-your-own-voice?utm_term=.cmD7d8NEe#.ypevMZ0aw

[2]: كتاب الأصوات اللغوية، تأليف د. إبراهيم أنيس.

[3]: https://www.scientificamerican.com/article/why-does-my-voice-sound-different